الثلاثاء، 5 مارس 2019


               بسم الله الرحمن الرحيم









(((مقال كتبته على سبيل الدعابة في موقع لبيع السيارات ، وقد انشغلوا بالتعليق على المقال وتركوا الجمس في حلقي  😂😂)))



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ذي الجلال والإكرام،
وصلى الله على نبيه محمد ﷺ، سيدِ ولد آدم وخير الانام.

أعرض عليكم أيها الكرام هذا الجواد الكميت[1] الذي طال معي بقاؤه وحسن وفاؤه، اشتريته من تاجره الذي اتى به من بلاد الفرنجة بنفسي وبذلت له الطارفَ والتليد[2] ومما اكرم به ضيفي وولدي وما زلت و إياه نتسابق في الوفاء أينا يكون أوفى لصاحبه ، فما تقاعس عن واجب ولا تخاذل عن مكرمة، فقد كان نعم الزينة ، اتباهى به كما يتباهى صاحب الخيل الاصيلة بخيله ، لا سيما اذا قام الخادم بتغسيله وتنظيفه، فيتهادى كأنه سفينةٌ تسير على الأرض لا ينظر اليه ناظر الا استغرق فيه النظر واطال فيه التأمل ، كيف لاوقد حباه الله الوانا تزيد بهاءه حسنا ، وطلعة ينضح العز من جنباتها .

ولكن ..... هكذا حكم الله على الدنيا ومن فيها، ألّايدوم على حال لهم حال،فان مما جرى علي أني لم أعد أكثر السفر على الطرقات ولا أتنقل كثيرا بين الوهاد والتلال كما كنت افعل في سالف ايامي، وما ذلك عن قِلىً ولا ملالةٍ[3]، ولكن الأوقات تضاءلت والاشغال تراكمت فلم اعد أجد لذلك وقتا، وأصبح هذا الجميل واقفا معظم أيام السنةِ وما تذكرت وانا أرى حاله وأشفق عليه من كثرةِ الوقوف أمام المنزلِ إلا حال المتنبي وهو يشكو حاله في مصر عندما جاؤوا له بالطبيب وقد انهكته الحمّى فقال لهم بلسان مقاله، إنه كالجواد الذي تعوَّد الكَرَّ والفرَّ فحِيلَ بينه وبين ما تَعَوَّد عليه، و أنشد: -

يَقُولُ لِيَ الطَّبِيبُ أَكَلْتَ شَيْئًا      وَدَاؤُكَ فِي شَرَابِكَ وَالطَّعَامِ

وَمَا فِي   طِبِّهِ   أَنِّي  جَوَادٌ      أَضَرَّبِجِسْمِهِ طُولُ الجِمَامِ

تَعَوَّدَ أَنْ يُغَبَّرَ فِي  السَّــرَايَا     وَيَدْخُلَ مِنْ  قَتَامٍ  فِي  قَتَامِ

فَأُمْسِكَ لا يُطَالُ  لَهُ  فَيَرْعَى    وَلا هُوَفِي العَلِيقِ وَلا اللِّجَامِ

فما كان مني الا ان عزمت على أن أبيعه على من هو أولى به مني فيستفيد منه ويشفق عليه من هذا الوقوف الضار به والذي لا يليق بماضيه المشرق ولست والله بالكاره له ولا الراغب في فراقه فان: -

نُوبُ الزمان كثيرة وأشدُّها شمل تحكّم فيه يومُ فراقِ


ولكن ربما كان في ذلك خير له: -
والأسدُ لولا فراقُ الأرض ما افترست والسّهمُ لولا فراقُ القوس لم يصب

وسلامتكم .
========================================= [1] أي الحصان الأحمر الذي تميل حمرته الى السواد [2] الأموال، ما بين موروث ومكتسب [3] القلى: الكراهية، والملالة: الضجر