السبت، 6 أغسطس 2011

دعوهم يطيشون



بسم الله الرحمن الرحيم


 
في كل سنة وبالتزامن مع شهر رمضان يطل على الناس أهل الفسق من كل حدب وصوب ، يستهدفون أقدس شهورهم ليفسدوه وليقوموا بالدور الذي عجزت عنه مردة الجن ، إغواء الناس وصرفهم عن مرضاة الله .

إلى هنا لا غرابة ،
 
ولكن الغرابة في المعركة الحامية الوطيس التي تدور رحاها كل سنة وهي تعج بشكوى أهل الخير من مجمل أعمال المفسدين وبخاصة برنامج الطيش الشهير .

والذي اجزم به أن أهل هذه البرامج يتلذذون بسادية شديدة بكل الشتائم التي تنصب على رؤوسهم من الناس ولو كان لديهم معايير للنجاح لكان أهمها مقدار الحنق التي تفيض به كتابات ومجالس أهل الخير عنهم بحيث يزدادون نجاحا عند أنفسهم كلما زادت حدة رفض أهل الخير لهم .

إن العمل الحقيقي الذي يجب أن ننصرف له هو أن نسائل أنفسنا لماذا ما يزال الملايين يتابعون هذه المسلسلات ويتندرون بطرائفها ويستشهدون بأحداثها ، أليس ذلك دليلا على أنا لم ننجح في دعوتهم لكي يتنزهوا من الاستماع لقاذورات بني ليبرال مع إغراقها في الاختلاط والموسيقى والسخرية بالدين وأهله .


أليس الأمر بحاجة إلى دراسات نفسية واجتماعية ودعوية عملية لكي نعرف كيف نوصل إلى الناس مفاهيم الدين الحقيقة التي تنتشلهم مما هم فيه من هذا التناقض الصارخ بين تعبدهم لله بالصيام والقيام وعكوفهم على أصنام الفن التي تنخر في دينهم وخلقهم وعفتهم وهم فاغري الأفواه ، جوعى النفوس، مندلقي الألسن من شدة الضحك ممن يسخر من كل جميل في حياتهم .

أليس دليلا كذلك أن البديل الهادف لا يزال قليلا متواضعا منحسرا بالنظر إلى ما يضاده من إنتاج هؤلاء المنحرفين .

عندما تتكرر الاسطوانة الرمضانية في التذمر ممن طاش و لم يطش ، احمد الله الذي عافاني وغيري ممن لم تتلطخ بيوتهم وأبصارهم بهذه القاذورات ، ثم انعي على نفسي وإخواني تقصيرنا ، وشكوانا من هؤلاء الذين هم على باطلهم أهل جلد واستمرار و دأب وهم لا شك يجنون الكثير من المكاسب وان كان أهمها مناكفة أهل الخير .

دعوهم يطيشون ويلعبون ويضحكون ولننصرف إلى ما ينفع إخواننا وأنفسنا من العمل الصالح والدعوة الصادقة والعمل المبارك على ارض الواقع ، فالناس في آخر الأمر لن يعرفوا ويحبوا ويقدروا إلا من يعيش همومهم بصدق و يشاركهم حياتهم بأمانة ويقدم لهم ما ينفعهم في أمر الدنيا والدين ، ولا زلت اردد في حالات كثيرة قول المتنبي الذي ترفع على الشعراء من أهل زمانه وهم يناكفونه ويحاولون النيل منه بكل وسيلة وجل أمانيهم أن يظفروا منه بقصيدة (( هجاء )) ، فلا يظفرون بذلك وهو ينظر إليهم باحتقار وازدراء وهو يقول :-


أفي كل يوم تحت ضِبني شُوَيْعرٌ *** ضعيف يقاويني ، قصير يطاول
لساني بنطقي صامت عنه عادل *** وقلبي بصمتي ضاحكُ منه هازل
وأَتْعَبُ مَن ناداك من لا تُجيبه *** وأَغيظُ مَن عاداك مَن لا تُشاكل
وما التِّيهُ طِبِّى فيهم ، غير أنني *** بغيـضٌ إِلىَّ الجاهـل المتعاقِـل


ابوعبداللطيف ، إبراهيم بن حمدان الشريفي ، ٥ رمضان ١٤٣٢هـ