الخميس، 19 يونيو 2008

رسالة......... الى من لن تقراها !!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته







كنت اسمع هيام المحبين وحديث العاشقين عن ليل لا تشرق الشمس بعده وعن عمر لا


يتجدد باليه فلا اعد ذلك إلا من هذيان الأدباء ومبالغات الكتاب ، فما لبثت - بعد أن غادرت ارضي ووليتني ظهرك ورفعت يدك للوداع الأخير – حتى علمت أن المعذبين في الأرض كثر ، و أنني قد أصبحت منهم .

لم أوت من سعة الخيال ما استطيع معه أن أتخيل أن الحياة – كل الحياة – ببهجتها ونعيمها وروائِها ونضارتِها يتعاقدون جميعا ويؤلون على أنفسهم ، أن يقيموا معي إن أقمت ، وأن يضعنوا معك وقد شددت ركابك ، فيا ليت شعري كيف إذن يطيب المعاش وقد رحلتم جميعا وخلفتموني وراءكم ظهريا .

أيعقل أن تتضاءل البسيطة كلها فلا اسطيع أن أعدها إلا قبرا ، وان تذهب نظرتها وتجف مياهها و يتصوح نبتها وتسكت أطيارها فلا أراها إلا قفرا .

كنت فكانت الحياة صخبا محببا يملا صوتُ حداته الأرجاء ورحلت فخيم على الدنيا صمت القبور وتلاشت من الأشياء حلاوتها ، وانسل من كل شيء جماله و أصبح في عيني اغبر باهتا تشمئز منه النفوس .

أعترف لك ، فلم يعد الكتمان يجدي نفعا و لم يبق للمكابرة مكان ، لقد كنت قبل رحيلك حبة الفؤاد و إنسان العين ومتعة الخاطر الملول ولكنك اليوم صرت قطب الرحا ومحور الاهتمام فبحبك أقيس حبي للناس و الأشياء ، و بذكرك أتنعم وبالتحسر على ساعات السرور والصفاء التي ولت معك أتعذب ، ولا يزال ظلك يتمدد على لحظات عمري حتى لا يكاد يبقى منها شيء .

أعلم تمام العلم انك ما غادرتني عن قلىً ولا سآمة ، بل ساقتك المقادير وتصرفت فيك يد القضاء فلم تجد من طاعتهما بدا وها أنا بعدك أختار الرضا وإن كان مرا وأختار القبول ولو كان على النفس أليما .

وأعلم انك لن تعود ولكني أسلي النفس باليوم الذي اشد فيه رحالي إلى الأرض التي إليها يممت فلعلي أجدك هناك منعما سعيدا ، فان كان الأمر كذلك فلعلني أراك متقلبا في الحبور والسرور، اذا لعددت نفسي من اسعد خلق الله .


استودع الله نفسا ما عرفت الغل الذي يعرفون ، ولا غرقت في لهو الحياة الذي منه يعبون ، والى لقاء قريب ......................بعيد