السبت، 14 يناير 2006

سلامة الصدر ....................ذلك الخلق العزيز!!!!!!!!!!!!!!!!!

بسم الله الرحمن الرحيم :. 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : وبعد

تسير بنا الأيامُ نحو مصائرِنا فنمرُّ بالمفاوزِ المقفرةِ والضواري الماحقةِ، نغذُّ المسيرَ ونقاربُ الخطى هرباً من هجيرِ الصحارى، وأنيابِ الكواسر.


ثم ما نلبثُ أن نمرَّ برياضٍ نظرةٍ وواحاتٍ وارفةِ الظلال ، تستروحُ فيها النفوسُ نعيمَ الدنيا ، وتلقي عن كاهلها عناءَ الطريقِ،
وتستجمُّ لتستعدَّ لما تنتظرُهُ من مراحلِ الوهجِ المحرقِ والرمالِ السوافي.


ولئن سألتني عن أحلى ما يرقصُ له القلبُ طرباً ويهشُّ لهُ الفؤادُ بهجةً فهو رؤيةُ الوجوهِ النظرةِ التي باعدت بيني وبينها الأيَّامُ . وحالتْ بيننا المسافاتُ والحدود.


لا استطيعُ وصفَ السعادةِ التي تنتظمُ كلَّ ذراتِ جسدي عندما ألقى ذلك الوجهَ الوضيءَ من إخواني ممن لم تحِدْ به الدنيا عن مبادئِهِ ولم تفتنْهُ عن دينهِ شهواتُها ، إنَّ لقيا مثلَ تلكم الوجوه لهو إشراقةُ الصباحِ الساحِرِ بعدَ سوادِ الليلِ الحالكِ ، وبشرى العافيةِ بعدَ مشارفةِ الموتِ ، و إطلالةُ الثراءِ بعدَ سنين الفاقةِ والعوزِ .


تراها فتعودُ إليكَ أيامُ الشبابِ الضاحكِ و الطفولَةِ الرفرافةِ، فتبدأُ بالتخلي عن أردية الرسميةِ المصطنعةِ والوقارِ المتحفظِ، وتعودُ فتىً مرحاً تنضحُ السعادةُ من بينِ جنبيك، وطفلاً بريئاً تعُبُّ من فرحةِ الأيامِ عبّاً، قبلَ أنْ تقتلكَ حقائقُها البغيضةُ المرَّةِ.


كم ابحثُ عن تلكم الوجوهِ وأصحابِها ، فلي بحمدِ اللهِ في كلِّ ارضٍ حبيبٌ ، وفي كلِّ وادٍ خليل ، أتسقَّطُ أخبارَهم ، افرح لأفراحِهِمْ ،
وآسَى لآلامِهِم ، أزورهمْ و أستزيرهم ، ولا غرو ، فلحظاتُ اللقاءِ بهم هي بعضُ نعيمِ الدنيا ،
و رضي الله عن أبي الدرداء إذ كان يقول : لولا ثلاثٌ ما أحببتُ البَقَاءَ في الدنيا : ساعةُ ظمأِ الهواجرِ ، والسجودُ في الليل ، ومجالسةُ أقوامٍ ينتقون جيدَ الكلامِ كما ينتقى أطايبُ الثمرِ .


ولا تعجبْ قارئي العزيز إنْ قلتُ لك أنني لا ارحلُ لمكانٍ اعرف أن فيه أحداً منهم حتى احرصَ على أن أراهُ أكثرَ من حرصي على قضاءِ الغرضِ الذي من اجله رحلتُ إلى البلدةِ التي يعمُرُها.


بيدَ أنَّ نعيمَ الدنيا يشوبُهُ التنغيصُ ، وسعادتُها تكدُّرُها الهمومُ وهكذا خبرْنا الحياةَ ، لا تستقيمُ لأحدٍ على ما يحبُّ ولا تستمرُّ له على ما يريد ، فان مما يذهبُ بحلاوةِ طعمِ اللقاءِ وفرحةِ التناجي وتعانقِ الأنفسِ والأبصارِ ، سوءُ الظنِّ و اعتسافُ التفاسيرِ الخاطئةِ لبعضِ ما يصدُرُ من الإخوةِ نحو بعضهم ، في ساعات التبسُّطِ والتحرُّرِ من قيودِ التكلفِ والرسميات.


فما اشدَّ الألمَ َحينَ يحكُمُ عليك أحبُّ الناسِ إليكَ وأقربُهُمْ إلى قلبك بالإساءَةِ ، ثم ينصبُ لكَ محكمةً هو فيها القاضي والجلاد ، وينفِّذُ فيكَ حكمَهُ بلا تراخٍ ، دون أن يستفسرَ منكَ عنْ كلمةٍ ندَّتْ منكَ ، حَمَلَها على أسوأِ المحاملِ ، و دونَ أن يمنَحَكَ حقَّ المنافَحَةِ عن نفسِكَ ، أو إيضاحِ قصدِكَ الذي قد تكونُ أَخْطأتَ فعلاً في التعبيرِ عنهُ ، ولكن حقيقته ((رغم سوء التعبير )) لم تخرجْ عن كونِهِ قصدَاً بريئاً طاهراً طهارَةَ ماءِ المزْنِ .


وكم جنى سوءُ التعبيرِ من جنايةٍ على منْ أطلق لقلمهِ العنان، أو للسانِهِ المقال :-

في زخرُفِ القولِ تزيينٌ لباطــلِهِ************والحقُّ قد يعتريهِ سوءُ تعبيرِ
تقولُ هذا مجاجُ النحلِ تمــدحُهُ************وإنْ تشأْ قلتَ ذا قيءُ الزنابيرِ
مدحاً وذماً وما جاوزت وصفَهُمَا************والحقُّ قدْ يعتريهِ سوءُ تعبيرِ


ورحمَ اللهُ سلفنا الذينَ علَّمونا كثيراً من طرائقِ التعاملِ الأخويِّ الذي قد نعتبرُهُ في مثلِ أيامنا هذِهِ ضرباً من ضروبِ الخيالِ ، أو المثاليةِ المغرقةِ في التنظير ، ولكنها الحقيقةُ التي كانوا بها يعيشون ويتعايشون .

يقول أميرُ المؤمنينَ عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ: "لا تظنَّنَّ بكلمةٍ خرجتْ من أخيكَ المؤمنِ شرّاً وأنتَ تجَدُ لها في الخيرِ محملاً "


قال رجلٌ لابنِ السِّماكِ التابعي الزاهد : ( الميعادُ بيني وبينَكَ غداً نتعاتبْ ) ،
فرد عليه ابنُ السماكِ رحمهُ اللهُ قائلاً : ( بلِ الميعادُ غداً بيني وبينَكَ نَتَغَافَرْ )



ولئنْ كنتُ أوردتُ ما أوردتُ ، فانّيْ اعْلمُ بنفسي كمْ هيَ بعيدةٌ عنْ مثلِ هذهِ المعاني
العاليةِ والأخلاقِ الرفيعة ، ولكن لعَلَّ في إيرادِها تعليماً وتذكيراً لنفسيَ إذْ أنني أولُ المستفيدينَ ، وأمَّا انْتم فمن رآها نافعةً فتلكَ أَسمى أمانِي ََّ ، ومن رآها غير ذلك ، فلا شكَّ انَّهُ لمْ يصِلْ إلى هذا السطرِ من المقال إذْ لا بدَّ انهُ قرأ قليلاً منه ثمَّ تركَهُ فمثلُهُ لنْ
يقرأَ عُذري وان اعتذَرْتُ






طاب الخاطر
السبت 2 سبتمبر 2006 07:07 م       عرض اخر عنوان للرد
1
كلام جميل
جزاك الله خير
اللهم طهر قلوبنا من الغل والحسد والكبر .. اللهم آمين
في أمان الله






ابن حران
السبت 2 سبتمبر 2006 07:19 م       عرض اخر عنوان للرد
2
"لا استطيعُ وصفَ السعادةِ التي تنتظمُ كلَّ ذراتِ جسدي عندما ألقى ذلك الوجهَ الوضيءَ من إخواني ممن لم تحِدْ به الدنيا عن مبادئِهِ ،ولم تفتنْهُ عن دينهِ شهواتُها ، إنَّ لقيا مثلَ تلكم الوجوه لهو إشراقةُ الصباحِ الساحِرِ بعدَ سوادِ الليلِ الحالكِ "
نعم والله، هذه الوجوه التي لم تبدل ولم تغير هي الوجوه التي تُحب. مهما كان ما يطرحونه غريباً عما عليه الناس.
كم رقعنا دنيانا بديننا فلا بقي لنا دين ولا بقي لنا ما نرقع.
أشكرك على هذه الآهات.






صائد الخاطر
السبت 2 سبتمبر 2006 10:43 م       عرض اخر عنوان للرد
3
حياك الله اخي : طاب الخاطر
وتقبل دعاءك






عمر عبد السلام
الأحد 3 سبتمبر 2006 12:04 ص       عرض اخر عنوان للرد
4
اللهم طهر قلوبنا من الغل والحسد والكبر .. اللهم آمين






صائد الخاطر
الأحد 3 سبتمبر 2006 01:22 م       عرض اخر عنوان للرد
5
حيا الله الاخ المفضال : ابن حران
كم افرحني مرورك وتعليقك






مرفت عبدالجبار
الأحد 3 سبتمبر 2006 01:46 م       عرض اخر عنوان للرد
6
مقال تقل فيه الروعة ..بارك الله فيك ..






الأمين العام
الأحد 3 سبتمبر 2006 09:43 م       عرض اخر عنوان للرد
7
الحَبيبَ الصادِقَ : صائد الخاطر
النّاسُ على أربعَةِ أصنَافٍ
مِنهُم مَن ينسَى مساوِئكَ ويذكُرُ مَحاسِنكـَ ، تَجِدْهُ عند تكالُبِ النّوائِبِ ، وتَتّكئُ عليهِ عندَ حُلولِ الأزماتِ ، فتلقَاهُ بعدَ الله خيرَ مُعينٍ وأكرمَ صاحِبٍ ، لا تندَرِسُ مَودّتُهُ مع تطَاولِ الزمنِ ، ولا تنقُصُ محبّتُه مع البُعدِ والنوى ، تَفيضُ قلوبُهم صفاءً وطُهراً كَيومَ ولدَتهم أمّهاتُهم ، أولئك أندَرُ مِنَ الكِبريتِ الأحمَرِ !
وَمِنهُم مَن ينسَى مسَاوئكَ ومحاسِنكَ ، وأولئكَ هُم ( أصحَاب المَصلحَة ) كَما يُسَمّونَهمْ ، إن احتاج إليك قَربَ ، وإن استَغنى هَربَ !
وَمِنهُم مَن يَذكُرُ مَحاسِنكـَ ومسَاوِئكَ ، وأولئكـ مَثلُهم كمثَلِ قَولِ الشّاعِرِ :
إن تُتهِمي فتهامةٌ وطني .. أو تُنجدِي إنّ الهوى نجدُ
فإن أحبّكَ ذكَرَ محَاسِنكـ ، وإلا كانتِ الثّانيةُ
وَمِنهُمْ مَن ينسى مَحاسِنكَ ويَذكُرُ مسَاوِئكَ ، وَهُم غَالِبُ النّاسِ إلا مَن رَحِمَ اللهُ ، وَلن أفسِدَ جمَالَ مَقالكَ بالحَديثِ عَنهُم .
شَكَر اللهُ لكـ َ على هذهِ الصّفحَةِ المَاتِعةِ






نوناالحنونة
الأحد 3 سبتمبر 2006 11:22 م       عرض اخر عنوان للرد
8
فان مما يذهبُ بحلاوةِ طعمِ اللقاءِ وفرحةِ التناجي وتعانقِ الأنفسِ والأبصارِ ، سوءُ الظنِّ و اعتسافُ التفاسيرِ الخاطئةِ لبعضِ ما يصدُرُ من الإخوةِ نحو بعضهم ، في ساعات التبسُّطِ والتحرُّرِ من قيودِ التكلفِ والرسميات
مقال جميل جدا
أحيانا إذا شعرت أن قلبي تغير أعتزل الناس لفترة لأعود لهم ببعض النقاء
الناس يتلذذون بجعلك تمرض مثلهم
ويتلذذون بتحول الإنسان النقي إلى إنسان مريض






جروح
الأحد 3 سبتمبر 2006 11:41 م       عرض اخر عنوان للرد
9
الأخ الفاضل ..صائد الخاطر
مقالك رائع ومفيد ومهم ولا سيما في حياتنا المعاصرة وتكالب الناس على الدنيا وانتشار تلك الأمراض (الغل والحقد والحسد والغيرة )
اللهم طهّر قلبي من الحقد والحسد والبغض والرياء والسمعة والشهرة ..
أتمنى من الله العلي القدير أن يكون لي نصيب من هذا الخلق العزيز
الشموخ






زعرور
الإثنين 4 سبتمبر 2006 11:14 ص       عرض اخر عنوان للرد
10
وإنَّ مما يكتب بمداد الذهب الخالص، ويرصع بياقوت ومرجان. . كلامٌ نقي صافٍ يتكلم عن نفسٍ صافية!
فيا أيتها النفس الصافية، ارجعي إلى ربكِ راضية، وبالخير والمرضات غانمة، وبالدرجات العالية حائزة. .
لك الشكر أخينا.



عمر عبد السلام
الإثنين 4 سبتمبر 2006 06:39 م       عرض اخر عنوان للرد
11
قال رجلٌ لابنِ السِّماكِ التابعي الزاهد ##( الميعادُ بيني وبينَكَ غداً نتعاتبْ ) ، فرد عليه ابنُ السماكِ رحمهُ اللهُ قائلاً ## ( بلِ الميعادُ غداً بيني وبينَكَ نَتَغَافَرْ )






صائد الخاطر
الإثنين 4 سبتمبر 2006 08:18 م       عرض اخر عنوان للرد
12
أخي المفضال: عمر بن عبدالسلام
شكر الله لك مرورك وتعاهدك
وبارك في جهدك وعملك






صائد الخاطر
الثلاثاء 5 سبتمبر 2006 01:42 م       عرض اخر عنوان للرد
13
الاخت الكريمة : مرفت عبدالجبار
شكر الله لك






صائد الخاطر
الثلاثاء 5 سبتمبر 2006 11:35 م       عرض اخر عنوان للرد
14
الحبيب الاريب : الامين العام
حياك الله ، وجزاك كل خير على كلماتك العِذاب
صدقت فيما قلت ، ولولا خشية الاطالة لذكرت من النماذج من رايت وخبرت ممن تدمي اعمالهم وتصرفاتهم الفؤاد ، نكرانا ، وجحودا
بوركت على اضافتك المميزة






sarookh2002
الأربعاء 6 سبتمبر 2006 02:44 ص       عرض اخر عنوان للرد
15
جُزيـــتم خيراً ..
وغفر الله لـــكم ..
ولازيـــادة على ماقُلْتُـــم .. إلا كــلمـة كُنت ومازلت أكررها
" غُضّ الطرف "
فبهــذه الكـــلمة تـجد سلامــــة الصـــدر






صائد الخاطر
الأربعاء 6 سبتمبر 2006 05:55 م       عرض اخر عنوان للرد
16
الاخت روعة الخيال
جزاك الله خيرا على التعليق
مع ملاحظة ان المقال ليس لانزال النقائص بالاخرين ونسيان انفسنا
ففينا ايضا ما فينا من العيوب والمثالب التي يعلمها الله فيغفر ويستر
فانا هنا اذكر نفسي قبل ان الوم الناس
واحثها على سلامة الصدر ونقاء السريرة ولو رات من غيرها غير ذلك






صائد الخاطر
الأحد 10 سبتمبر 2006 01:31 م       عرض اخر عنوان للرد
17
الاخت الكريمة جروح : جزاك الله خيرا وتقبل دعائك
الاخ الكريم زعرور : شكر الله لك مرورك ، وغفر لك مبالغتك ، ان هي الا كليمات جاد بها الخاطر المكدود في ساعة خذلان ممن كنت اعده للنوائب فاصبح احداها ، حفظك الله






المسلم الموضوعي
الأحد 10 سبتمبر 2006 07:11 م       عرض اخر عنوان للرد
18
كلام نفيس من ناصح امين نحسبه و اديب بارع.
لعلي اعود ان تيسر.






صائد الخاطر
الأربعاء 13 سبتمبر 2006 01:50 م       عرض اخر عنوان للرد
19
الاخ الفاضل : صاروخ صدقت
ولقد ذكرتني بقول الشاعر :-
ليس الغبي بسيد في قومه ***** لكن سيد قومه ((( المتغابي )))
شكر الله لك مرورك وتعليقك






صائد الخاطر
الأربعاء 20 سبتمبر 2006 03:15 م       عرض اخر عنوان للرد
20
أخي الكريم : صالح_الاحمد
ما اسعدني وما اشد غبطتي اذ مرت عيناك على كليماتي المتواضعة هذه
مرحبا بمرورك ، ووعد الحر (( بالعودة )) دين عليه
جزيت خيرا يا ابا محمد






المسلم الموضوعي
الأحد 24 سبتمبر 2006 02:57 ص       عرض اخر عنوان للرد
21
اخي الحبيب وعدت بأن اعود ان تيسر وهاهو قد يسره الله جل وعلا.
كم نحن في مثل هذه الايام الفاضله احوج مانكون الى تمثل هذا السلوك ومحاولة التلبس به.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.






صائد الخاطر
الأربعاء 8 اكتوبر 2008 09:32 م       عرض اخر عنوان للرد
22
^




أضف رداً سريعاً



احدى مواقع فارس نت تطوير جسور