الأحد، 2 ديسمبر 2012

أراد الخير فكاد ان يتردى بين شرين ........!!

بسم الله الرحمن الرحيم


سألني احد الشباب من أقاربي - وكأن الأمر قد أهمه فعلا وأوقعه في حيرة هائلة - : كيف أنهى الناس عن منكرات اعرف من نفسي أني ارتكبها ،هم يرونني من أهل الخير ويتوسمون فيّ الصلاح ويقبلون مني أن آمرهم وأنهاهم ولكني أتعذب وأنا أوجههم إلى ما يرضي الله ، و أخالف أحيانا هذا التوجيه فاعصي الله حيث يراني سبحانه وتعالى وهم لا يعلمون

 ، تذكرت حينها أن هذا التساؤل مما يدور كثيرا على السنة الشباب وأهل الخير ولكن الأسى الذي يمضهم هو نفس الأسى الذي امض قلب صاحبي ولن أجيب هنا من الناحية الشرعية إذ أن الجواب الشرعي واضح كل الوضوح ولعلي أحيل إلى هذا الموقع لمعرفة ذاك الجواب


وقد أجبت صاحبي الحبيب بفحوى تلك الفتوى شرعا.  

ولكني اسطر هنا خاطرة خطرت لي وأنا اسمع كلامه ، تذكرت مكر إبليس أعاذنا الله منه في التلاعب بعواطف المهتدين والدخول إليهم من باب قلة علمهم ، ومن باب الورع ، نعم فمن باب الورع يقول لهم إبليس : أي نفاق هذا الذي انتم فيه تأمرون الناس بالخير وانتم لا تأتونه وتنهونهم عن الشر وانتم تقعون فيه ؟

إذا فما الحل أيها الوسواس الخناس ، عندها ينبري المرشد الخؤون فيبادرهم بالحل الذي يروق لهم ويرون فيه راحة من عذاب الضمير وحلا معقولا إلى حين ، انه يقول لهم : ما دمتم متلطخين بالأوزار فلا تنهوا ولا تأمروا ، عليكم بخاصة أنفسكم وعندما تتطهروا ((( تماما ))) من خطاياكم وتبرؤوا تماما من علل أنفسكم ومن شهواتها تصبحون حينئذ فقط مؤهلين لان تقوموا بمهمة الأنبياء ، الدعوة إلى الله ، أما وانتم ملطخون بالأوزار منغمسون في المعاصي تعاقرونها ليل نهار فما انتم بالأطهار ولا الأبرار فأولى لكم أن تكفوا عن هذا النفاق وهذا التدليس .

هنا يظفر عدو الله بحاجته ويفرح ، فيكف الناصح ويسكت وينكفئ على نفسه على أمل أن يصلحها وما درى أن أول علامات خذلانه انه استجاب لوسوسة إبليس وعمل بمقتضاها .

فقد كان يعمل خيرا ويرتكب شرا فقال له إبليس اترك الخير الذي أنت عليه ، فاجتمع فيه الشران في آن واحد .

وكان من الواجب عليه ألا ينقطع عما كان عليه من خير ونصح لعباد الله وتوجيه لأحبابه وإخوانه وعامة المسلمين ودعوة إلى الله بالتي هي أحسن،

ومن الواجب المحتم عليه أيضا أن يتمم ذلك الخير ، فيطهر نفسه من أوزرا المعاصي والذنوب ويتقي الله في خلواته ويعلم الوزر العظيم الذي يحمله من يأمر الناس بالخير ولا يأتيه وينهاهم عن الشر ويقع فيه .

وان يعلم انه مع ذلك لا يمكنه أن يسلم من جميع الذنوب والمعاصي وإلا كان ملاكا يعيش مع الملائكة في عليين لا بشرا يمشي على الأرض مع العالمين .


ورحم الله ابن تيمية إذ قال :-
قال بعض أهل العلم (( فرض على شاربي الكؤوس أن يتناهوا فيما بينهم )) ، * أما قوله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ... ) ، وقوله تعالى (يأيها الذين آمنوا لم تقولن ما لا تفعلون *......) فهو إنكار عليهم من حيث تركهم المعروف لا من حيث أمرهم به , ومن حيث ارتكابهم المنكر لا من حيث نهيهم عنه .


ورحم الله أيضا من قال : -

ولو لم يعِظْ في الناس من هو مذنبٌ *** فمن يعظِ العاصين بعد محمد ()





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق